مُنتدى ادارية مُركب

اهلا بك زائرنــا الكــــريم فــــى منتدى شباب اداريه مركب.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مُنتدى ادارية مُركب

اهلا بك زائرنــا الكــــريم فــــى منتدى شباب اداريه مركب.

مُنتدى ادارية مُركب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مُنتدى ادارية مُركب

مُنتدى اجتماعى ثقافى ورياضى يعنُى باثراء الفكر والأدب والرأى الأخر.


    دروس وعبر من سورة تبارك الملك

    أبو يوسف
    أبو يوسف
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 19
    تاريخ التسجيل : 12/10/2011

    دروس وعبر من سورة تبارك الملك Empty دروس وعبر من سورة تبارك الملك

    مُساهمة من طرف أبو يوسف الأحد 16 أكتوبر 2011, 4:08 pm

    يا داخل الدار صلى وسلم على النبي المختار ....

    السلام عليكم أهل الدار(أحبابنا في الله) تحية طيبة ورحمة من الله تعالي وبركاته ... وبعد ،،،

    والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ......

    إلى شباب (مركب) ... إلى هذه الكوكبة الفاضلة التى تقدمت المسيرة ورفعت الراية عالية بإسم منطقة مركب وضواحيها ... إلى هذه النخبة التى تقدمتنا حتى اللحظة ستة عشر شابا وشابة ، نشد على أيديهم فردا فردا ... ونرفع القبعة لهم جميعا فى توظيف تقنية المعلومات ومنتديات التواصل الإجتماعي فى التعريف بالمنطقة وربط الجيل القديم والعواجيز من أمثالنا (جيل هرمنا) بالجيل الصاعد الواعد ... سنواصل وسنتواصل معكم بإذن الله ... وأن تسمحوا لنا بالمشاركة معكم بأضعف الإيمان كما يقولون ... بالكلمة والنذر المادي البسيط مقارنة بما تبذلونه من المال والجهد والوقت الغالي والنفيس ... كما يسعني أن أشيد بالنيو لوك NEW LOOK
    للمنتدي فقد لا حظت منذ الأمس شيئا جديدا وجميلا يبعث فى النفس الإرتياح ويوسع الصدر ... وهذا دليل على أن هنالك من يجد ويجتهد ويسعي قدما إلى توظيف كل شيء جديد وإخراج المنتدي فى ثوب قشيب يليق بأهل الدار والدار ... والحمد لله من قبل ومن بعد .

    هذه الكتابات من سلسلة مواضيع أودعناها بفضل من الله وكرمه فى منتدي رابطة أبناء منطقة دار حمر بالمملكة العربية السعودية، منطقة مكة المكرمة ... نورد إليكم بعضا منها فى هذا المنتدي لإثرائه بما يفيد ويزيد ... ونحن دوما معكم وبكم يزداد رصيدنا وكلنا غبطة وفرح وزهوا بين أبنائنا وبناتنا ...

    والحمد لله الذي مد فى أعمارنا وأكرمنا بإتمام شهر الصيام ونسأله تبارك وتعالي أن يتقبل منا ومنكم صلاتنا وصيامنا وقيامنا ودعاءنا وصالح أعمالنا...

    إن من علامات قبول العمل الصالح والطاعة أن يوفق الله العبد لطاعة بعدها، وإن من علامات قبول الحسنة: فعل الحسنة بعدها، فإن الحسنة تقول: أختي أختي. وهذا من رحمة الله تبارك وتعالى وفضله؛ أنه يكرم عبده إذا فعل حسنة، وأخلص فيها لله أنه يفتح له باباً إلى حسنة أخرى؛ ليزيده منه قرباً.

    كان حال الصالحين عند وداع رمضان في خوف ودعاء ، خوف من رد العمل ، ودعاء بالقبول من ذي الجود والكرم ، يقول المولى عز وجل : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) أي يعملون الأعمال الصالحة وقلوبهم خائفة ألا تقبل منهم .

    تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) ، قَالَتْ عَائِشَةُ : أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ ؟ قَالَ : ( لا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُمْ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ).

    وكان سلف هذه الأمة عند خروج رمضان يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان ، خوفاً من رده .
    روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله : كونوا لقبول العمل أشد اهتماماًَ منكم بالعمل ، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول : ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).

    ويقول الحافظ ابن رجب رحمه الله في ذلك : السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل و إكماله و إتقانه ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ، و يخافون من رده ، و هؤلاء الذين قال الله عنهم : ( يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ).
    وقال ابن دينار : الخوف على العمل أن لا يتقبل أشد من العمل .
    و قال عبد العزيز بن أبي رواد : أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا ؟.
    فهذا حال سلفنا في وداع هذا الشهر ، ولنتفكر عند رحيله سرعة مرور الأيام ، وانقضاء الأعوام ، ودنو الآجال ، فإن في مرورها وسرعتها عبرة للمعتبرين ، وعظة للمتعظين .

    فالعمل الصالح شجرة طيبة، تحتاج إلى سقاية ورعاية، حتى تنمو وتثبت، وتؤتي ثمارها،وإن أهم قضية نحتاجها أن نتعاهد أعمالنا الصالحة التي كنا نعملها، فنحافظ عليها، ونزيد عليها شيئاً فشيئاً. وهذه هي الاستقامة التي تقدم الحديث عنها.

    الإخوة اهل الدار ... لقد أكرمنا الله فى رمضان بقراءة القرآن والتدبر فى آيات الله ، ومما وقفت عليه خلال الشهر الكريم هذه الدروس والعبر من القرآن الكريم ويسرنى مشاركتكم بها فى هذه المناسبة السعيدة لتعم الفائدة بإذن الله تعالي .... وإذا مد الله فى أعمارنا بإذن الله سوف ننقل إليكم الكثير المفيد لإصلاح العباد ولخير البلاد ...

    دروس وعبر من سورة تبارك الملك:

    سورة الملك

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (٤) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (٥) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (١١) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (٣٠)

    الجزء التاسع و العشرون

    هذا الجزء كله من السور المكية . كما كان الجزء الثامن والعشرون الذي سبقه كله من السور المدنية . ولكل منهما طابع مميز ، وطعم خاص . . وبعض مطالع السور في هذا الجزء من بواكير ما نزل من القرآن كمطلع سورة "المدثر" ومطلع سورة "المزمل" . كما أن فيه سورا يحتمل أن تكون قد نزلت بعد البعثة بحوالي ثلاث سنوات كسورة "القلم" . وبحوالي عشر سنوات كسورة "الجن" التي يروى أنها نزلت في عودة رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) من الطائف ، حيث أوذي من ثقيف . ثم صرف الله إليه نفرا من الجن فاستمعوا إليه وهو يرتل القرآن ، مما حكته سورة الجن في هذا الجزء . وكانت هذه الرحلة بعد وفاة خديجة وأبي طالب قبيل الهجرة بعام أو عامين . وإن كانت هناك رواية أخرى هي الأرجح بأن السورة نزلت في أوائل البعثة .

    والقرآن المكي يعالج - في الغالب - إنشاء العقيدة . في الله وفي الوحي ، وفي اليوم الآخر . وإنشاء التصور المنبثق من هذه العقيدة لهذا الوجود وعلاقته بخالقه . والتعريف بالخالق تعريفا يجعل الشعور به حيا في القلب ، مؤثرا موجها موحيا بالمشاعر اللائقة بعبد يتجه إلى رب ، وبالأدب الذي يلزمه العبد مع الرب ، وبالقيم والموازين التي يزن بها المسلم الأشياء والأحداث والأشخاص . وقد رأينا نماذج من هذا في السور المكية السابقة ، وسنرى نماذج منه في هذا الجزء .

    والقرآن المدني يعالج - في الغالب - تطبيق تلك العقيدة وذاك التصور وهذه الموازين في الحياة الواقعية ؛ وحمل النفوس على الإضطلاع بأمانة العقيدة والشريعة في معترك الحياة ، والنهوض بتكاليفها في عالم الضمير وعالم الظاهر سواء . وقد رأينا نماذج من هذا في السور المدنية السابقة ومنها سور الجزء الماضي .

    وهذه السورة الأولى - سورة تبارك - تعالج إنشاء تصور جديد للوجود وعلاقاته بخالق الوجود . تصور واسع شامل يتجاوز عالم الأرض الضيق وحيز الدنيا المحدود ، إلى عوالم في السماوات ، وإلى حياة في الآخرة . وإلى خلائق أخرى غير الإنسان في عالم الأرض كالجن والطير، وفي العالم الآخر كجهنم وخزنتها . وإلى عوالم في الغيب غير عالم الظاهر تعلق بها قلوب الناس ومشاعرهم ، فلا تستغرق في الحياة الحاضرة الظاهرة ، في هذه الأرض . كما أنها تثير في حسهم التأمل فيما بين أيديهم وفي واقع حياتهم وذواتهم مما يمرون به غافلين .

    وهي تهز في النفوس جميع الصور والإنطباعات والرواسب الجامدة الهامدة المتخلفة من تصور الجاهلية وركودها ؛ وتفتح المنافذ هنا وهناك ، وتنفض الغبار وتطلق الحواس والعقل والبصيرة ترتاد آفاق الكون ، وأغوار النفس ، وطباق الجو ، ومسارب الماء ، وخفايا الغيوب، فترى هناك يد الله المبدعة ، وتحس حركة الوجود المنبعثة من قدرة الله . وتؤوب من الرحلة وقد شعرت أن الأمر أكبر ، وأن المجال أوسع . وتحولت من الأرض - على سعتها - إلى السماء . ومن الظواهر إلى الحقائق . ومن الجمود إلى الحركة . مع حركة القدر، وحركة الحياة ، وحركة الأحياء .

    الموت والحياة أمران مألوفان مكرران . ولكن السورة تبعث حركة التأمل فيما وراء الموت والحياة من قدر الله وبلائه ، ومن حكمة الله وتدبيرهالذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ، وهو العزيز الغفور).

    والسماء خلق ثابت أمام الأعين الجاهلة لا تتجاوزه إلى اليد التي أبدعته ، ولا تلتفت لما فيه من كمال . ولكن السورة تبعث حركة التأمل والإستغراق في هذا الجمال والكمال وما وراءها من حركة وأهداف: (الذي خلق سبع سماوات طباقا . ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ؟ ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير . . ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين) ...

    والحياة الدنيا تبدو في الجاهلية غاية الوجود ، ونهاية المطاف . ولكن السورة تكشف الستار عن عالم آخر هو حاضر للشياطين وللكافرين . وهو خلق آخر حافل بالحركة والتوفز والإنتظار: (وأعتدنا لهم عذاب السعير . وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير . إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور . تكاد تميز من الغيظ . كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها:ألم يأتكم نذير ? قالوا:بلى ! قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا:ما نزل الله من شيء ; إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا:لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير . فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير) ! .

    والنفوس في الجاهلية لا تكاد تتجاوز هذا الظاهر الذي تعيش فيه ، ولا تلقي بالا إلى الغيب وما يحتويه . وهي مستغرقة في الحياة الدنيا محبوسة في قفص الأرض الثابتة المستقرة . فالسورة تشد قلوبهم وأنظارهم إلى الغيب وإلى السماء وإلى القدرة التي لم ترها عين ، ولكنها قادرة تفعل ما تشاء حيث تشاء وحين تشاء؛ وتهز في حسهم هذه الأرض الثابتة التي يطمئنون إليها ويستغرقون فيها (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير . وأسروا قولكم أو أجهروا به ، إنه عليم بذات الصدور . ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ؟ هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور . أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور؟ أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا؟ فستعلمون كيف نذير). .

    والطير . إنه خلق يرونه كثيرا ولا يتدبرون معجزته إلا قليلا . ولكن السورة تمسك بأبصارهم لتنظر وبقلوبهم لتتدبر ، وترى قدرة الله الذي صور وقدرأولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ؟ ما يمسكهن إلا الرحمن ، إنه بكل شيء بصير).

    وهم آمنون في دارهم ، مطمئنون إلى مكانهم، طمأنينة الغافل عن قدرة الله وقدره . ولكن السورة تهزهم من هذا السبات النفسي ، بعد أن هزت الأرض من تحتهم وأثارت الجو من حولهم، تهزهم على قهر الله وجبروته الذي لا يحسبون حسابهأم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن ؟ إن الكافرون إلا في غرور).

    والرزق الذي تناله أيديهم ، إنه في حسهم قريب الأسباب ، وهي بينهم تنافس وغلاب . ولكن السورة تمد أبصارهم بعيدا هنالك في السماء ، ووراء الأسباب المعلومة لهم كما يظنون: ( أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ؟ بل لجوا في عتو ونفور). .
    وهم سادرون في غيهم يحسبون أنهم مهتدون وهم ضالون . فالسورة ترسم لهم حقيقة حالهم وحال المهتدين حقا ، في صورة متحركة موحيةأفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى؟ أم من يمشي سويا على صراط مستقيم؟).

    وهم لا ينتفعون بما رزقهم الله في ذوات أنفسهم من استعدادات ومدارك ؛ ولا يتجاوزون ما تراه حواسهم إلى التدبر فيما وراء هذا الواقع القريب . فالسورة تذكرهم بنعمة الله فيما وهبهم ، وتوجههم إلى استخدام هذه الهبة في تنور المستقبل المغيب وراء الحاضر الظاهر ، وتدبر الغاية من هذه البداية : (هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة , قليلا ما تشكرون . قل:هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون) . .

    وهم يكذبون بالبعث والحشر ، ويسألون عن موعده . فالسورة تصوره لهم واقعا مفاجئا قريبا يسوؤهم أن يكون ويقولون: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ؟ قل إنما العلم عند الله، وإنما أنا نذير مبين . فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ، وقيل:هذا الذي كنتم به تدعون !). .

    وهم يتربصون بالنبي ( صلي الله عليه وسلم) ومن معه أن يهلكوا فيستريحوا من هذا الصوت الذي يقض عليهم مضجعهم بالتذكير والتحذير والإيقاظ من راحة الجمود ! فالسورة تذكرهم بأن هلاك الحفنة المؤمنة أو بقاءها لا يؤثر فيما ينتظرهم هم من عذاب الله على الكفر والتكذيب ، فأولى لهم أن يتدبروا أمرهم وحالهم قبل ذلك اليوم العصيب (قل:أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ؟ قل:هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين).

    وتنذرهم السورة في ختامها بتوقع ذهاب الماء الذي به يعيشون، والذي يجريه هو الله الذي به يكفرون !(قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين؟). .

    وبالجملة فإنها حركة . حركة في الحواس ، وفي الحس ، وفي التفكير، وفي الشعور .

    الخاتمــــــة:

    واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عليه وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).

    لبيك اللهم ربى وسعديك ، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين و النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و ما سبح لك من خلقك يا رب العالمين على سيدنا محمد بن عبد الله خاتم النبيين وسيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الشاهد البشير الداعي إليك بإذنك السراج المنير وعليه السلام ... اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته وأتباعه ظاهرا وباطنا ... اللهم اجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين سيدنا محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة ... اللهم ابعثه مقاماً محموداً يغبطه فيه الأولون و الآخرون .... اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد .... اللهم صل على محمد وعلى آله و أصحابه و أولاده و أزواجه وذريته و أهل بيته و أصهاره و أنصاره و أشياعه و محبيه و أمته وعلينا معهم أجمعين يا أرحم الراحمين ....

    اللهم أكسبنا حبك وحب نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وأرزقنا مرافقته في الجنة . اللهم وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد .

    وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...

    فالحمد لله أن بلغنا رمضان ، ونحمده تعالى على نعمة التمام ، اللهم تقبل منا رمضان ، وأعده علينا سنين عديدة وأزمنة مديدة ، ونحن في صحة وعافية وحياة رغيدة . تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنه وفي الاخره حسنه وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار.
    اللهُمَّ اجعَل خَيرَ أعمارنا أواخرها ، وخَيرَ أعمالنا خَواتمها ، وخَيرَ أيّامنا يَومَ نلقَاكَ فيه وأنتَ رَاضٍ عنّا .

    اللهم حبب الينا الايمان و زينه فى قلوبنا ، و كره الينا الكفر و الفسوق و العصيان ، و أجعلنا من الراشدين ، و أجعلنا هداة مهتدين, غير ضالين و لا مضلين.
    ربنا اصرف عنا عذاب جهنم ا ن عذابها كان غراما انها ساءت مستقرا و مقاما ، ربنا أصرف عنا السوء و الفحشاء و اجعلنا من عبادك المخلصين .

    رب أشرح لى صدرى و يسر لى أمرى ، و أحلل عقدة لسانى يفقهوا قولى.
    اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا. اللهم عافنا و اعف عنا فى الدنيا و الآخرة.
    اللهم اغفر لى و لوالدى، و لأصحاب الحقوق على ، و لمن لهم فضل على ، و للمؤمنين و للمؤمنات والمسلمين و المسلمات عدد خلقك و رضا نفسك و زنة عرشك و مداد كلماتك.
    اللهم أصلح لى دينى الذى هو عصمة أمرى، و أصلح لى دنياى التى فيها معاشى ، أصلح لى آخرتى التى فيها معادى ، و اجعل الحياة زيادة لى فى كل خير ، و اجعل الموت راحة لى من كل شر.

    اللهم فرج همنا ، و نفس كربنا ، و أقض عنا ديننا، و اشف مرضانا ، و ارحم موتانا ، و اهلك اعداءنا .
    اللهم اجعلنا يا مولانا من عتقائك من النار و من المقبولين و من ورثة جنة النعيم.
    ربنا تقبل منا صلاتنا و قيامنا و ركوعنا و سجودنا و دعاءنا و صالح اعمالنا و اجزنا عنه خير الجزاء، اللهم اجزنا جزاء الصابرين المحسنين.

    اللهم أفردنا لما خلقتنا له، ولا تشغلنا بما تكفلت لنا به، ولا تحرمنا ونحن نسألك، ولا تعذبنا ونحن نستغفرك ... ورد علينا غربتنا وأجمع شملنا مع أهل الدار غانمين سالمين مسرورين ومبسوطين ...

    غفر الله لنا ولكم ولوالدينا ووالديكم وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ... و جعلنا الله وإياكم والجميع من المتحابين في الله نجتمع عليه ونتفرق عليه ، ومن الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله .... آمين..

    وفقني الله وإياكم لما فيه إصلاح العباد وخير البلاد ... السعية والرعية.

    وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
    سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين.

    محمد المرضي (أبو يوسف)

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 07 مايو 2024, 9:07 am