بسم الله الرحمن الرحيم
الجراري
أغاني الجراري من التراث العظيم لقبيلة الحمر خصوصا"، ولبقية قبائل شمال كردفان امتدادا لشمال دارفور،.الجراري
والجراري : "عبارة عن كشكول يحوي بطياته الكثير ويعالج القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية"، وهو كغيره من ضروب الشعر يشتمل على :المدح والذم والغزل والفخر وغيرها،،، نقتطف منها بعض النماذج :
في مطلع السبعينيات من القرن الماضي ضرب كردفان شيء من الجفاف فسافر معظم الرجال للعمل في النيل الأزرق والجزيرة والقضارف (ونسميها بدار الصباح) يعني الشرق، فقالت عمتنا "أم مخوان "بعد أن طال غياب زوجها محمد جابر:
نجيمة الصباح طلعت مع البواح *** يا وليد متين ترتاح من خطرة الصباح
وهذا بيت بليغ احتوى على الجناس والتورية والكناية: إذ تقصد بالصباح الأول الوقت والثاني الجهة، ومتين يا وليد ترتاح أي تروق وتغني بالخير العميم عند مجيء سنة الشبع وتترك السفر،
أيضا في السبعينيات سافر الرجال إلى ليبيا عبر الصحاري بالجمال فوصل منهم من وصل ومات منهم من مات تائها بالصحاري بين مليط والعوينات، وأول من سافر في تلك الحقبة هي مجموعة من إخواننا من قبيلة المجانين من قرية أم كول وطيبة وعادوا بالثروات والثياب الفاخرة (المضغوط) وفي نفس الوقت سافر أبناء الحمر إلى المملكة العربية السعودية وبعضهم سعى العربات (اللواري) ودار تباهي وتفاخر بين "المجنونيات" "والحمريات" فقالت" فاطمة بنت أبي صقيرات" زوجة "عباس ود حمد "من قبيلة المجانين:
أبوكي يا أم جنادي من بنغازي وغادي
وكان البيت في الفخر __فانبرت للرد كلا من " أم مخوان" و" لينقو بنت متعني "وهي شاعرة كبيرة لا يشق لها غبار... فقالت" أم مخوان" :
ليبيا كلام فاضي بضيق أخلاقي*** الكلام الحدادي أبو جليبة بي رادي
وكان المهن الحرفية في ذلك الوقت في صناعة السلاح الناري التقليدي وأبو جليبة نوع منه، وكان الراديو الناشيونال في ذلك الوقت غالي جدا، وهذا فخر بهذه المهنة وبدخلها بدلا عن بهدلة ليبيا والغربة.
وقالت لينقو:
المضغوط بالحرقة ماهو توب للمرقة *** ولدا عارف فرقة بيسعى أم جاز الزرقة
فذمت هذا الثوب الذي يتفاخر به، وافتخرت بأن الولد العارف فرقة أي أغتراب بسعى السيارات اللواري أم جاز الزرقة.
في جانب الفخر الإقتصادي قالت واحدة من الدودية "قرية بشمال كردفان":
بسمع حسيس الضان يا أم ريدا محنة *** تاري البهيم عطشان يا أم ريدا محنة
كان الغفير رضيان يا أم ريدا محـنة *** بسقية بالبيـــــان يا أم ريدا محــــــنة
فالرجل ذو جاه، والبهيم تصغير بهم وهو صغار الضأن وهنا التصغير للتمليح والعطف وهو مجاز مقصود به كل الضأن، فهي تعطف على ضأنه أن يعطش وهو لجاهه يمكن أن يكلم خفير الدونكي ليسقي له من البيان، وهي حنفية خاصة داخل البئر، بيان للشفاطة (الطلمبة) إن كانت تعمل أم لا، ولا يشرب منها إلا الخواص.
ودمتم