هذا الموضوع منقول من موقع / عبد الدائم الكحيل للاعجاز العلمى في ظـلال الرقـم (7)
حتى يكتمل النظام الكوني؛ جعل الله تعالى أيام الأسبوع (7), لندرك أنه هو رب المكان والزمان. فالمؤمن ينسجم في عبادته مع نظام الكون, فعندما يطوف حول الكعبة يتم سبعة أشواط, وعندما يسجد لربه في صلاته فإنه يسجد على سبعة أعظم, هذا المؤمن يجتنب السبع الموبقات ليكون يوم القيامة من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظلّ إلا ظله...أما الملحد الذي لا يقيم وزنًا لهذا القرآن, ولا يعترف بربّ السماوات السَّبع, ولا يؤمن بهذا النبيّ الكريم القائل عن القرآن: (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف).
إن الذي لا يؤمن بهذا, فإن بانتظاره نار جهنم التي أعدَّها الله لأمثال هذا, وجعل لها سبعة أبواب, وقال: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ) [الحجر: 15/44], وقد تكررت كلمة (جهنم) في القرآن كله (77) مرة, أي (7×11).
رؤيـة جـديـدة
في كتاب الله تعالى نحن أمام كلمات, لا توجد معادلات رياضية, ولا مخططات بيانية, لا توجد أرقام, الأرقام الوحيدة التي يحتويها القرآن هي أرقام السور والآيات, وهذه أرقام تسلسلية لم تُدَوَّن إلا منذ عهد قريب فقط. والسؤال: كيف نجد معجزة رقمية مذهلة في كتاب كالقرآن؟ كيف نبحث عن نظام رقمي مُحكَم يتحدَّى أحدث علوم العصر؟
محاولات كثيرة بُذلت منذ زمن بعيد لدراسة القرآن رقميًّا, منها ما سُمِّيَ بحساب الجُمَّل (إبدال كل حرف بقيمة رقمية), ومنها ما اقتصر على عد كلمات القرآن وأحرفه, ومن الباحثين من درس تكرار الكلمات في القرآن, وهذا ما نجده في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم. ومنهم من درس تكرار الأحرف في أوائل السور (الأحرف المميزة)... وغير ذلك من المحاولات, التي تعتمد على جمع الأرقام جمعًا.
المنهج الجديد الذي يقدمه البحث هو دراسة البناء المُحكَم لأحرف وكلمات وآيات سورة الفاتحة وعلاقتها مع القرآن, بحيث نَصُفُّ الأرقام صَفّا حسب تسلسلها في كتاب الله تعالى. وهذا المنهج في صَفّ الأرقام (دون جمعها) يحافظ على تسلسل كلمات القرآن وآياته وسوره, فالإعجاز الرقمي يكمن في تسلسل هذه الكلمات بالترتيب الذي ارتضاه الله تعالى لكتابه.
وعندما نتعامل مع كتاب الله عزَّ وجلّ فيجب أن نكون في أشدِّ حالات الحذر, ولا نُقحم في القرآن ما ليس منه, ولا نحمِّل نصوص القرآن ما لا تحتمله. وينبغي علينا أن ندرك بأن الأرقام ليست هدفًا بحدِّ ذاتها, إنما هي وسيلة لرؤية البناء القرآني المُحكَم, عسى أن نزدادَ إيمانًا ويقينًا بهذا الكتاب العظيم, الذي قال الله عنه: (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) [الإسراء: 17/9].
ومن عَظَمة هذا القرآن تنوُّع إعجازه, فهو كتاب مُعجز لجميع البشر, كلّ حسب اختصاصه, فعالِم اللغة يجد إعجازًا لغويًا وبيانيًا, والطبيب يجد معجزة طبية, وعالم الفلك يجد معجزة كونية, وعالم الرياضيات والكمبيوتر يجد معجزة رقمية... وهكذا إعجاز لا ينتهي!
ولكن قد يتساءل البعض: ما هي الحكمة من الرقم سبعة بالذات، ولماذا صفُّ الأرقام دون جمعها، ولماذا سورة الفاتحة بالذات؟ إن الله عز وجل هو أعلم بما ينزِّل، ولكن نحاول من خلال تدبّرنا لكتاب الله أن نستنبط الحكة من هذا النظام الرقمي لنزداد فهماً لهذا القرآن وعلماً بآياته.
إن الرقم سبعة كان يعني قديماً الكمال بين الأرقام، ويمكن القول بأن هذا الرقم هو الوحيد بين الأرقام الذي يصلح لبناء نظام على أساسه، وربما يتم إثبات ذلك في المستقبل.
أما سبب صفّ الأرقام فإن لهذه الطريقة ميزات لا تتوفر في غيرها، فعندما نصفّ أرقام الآيات مثلاً، أو عدد حروف كل كلمة صفًّا نحافظ على تسلسل هذه الآيات وهذه الكلمات وترتيبها بينما إذا جمعنا هذه الأرقام جميعاً اختفى هذا التسلسل وهذا الترتيب.
وعندما نصّف رقم السورة وإلى جانبه رقم الآية وإلى جانبه عدد الكلمات ثم عدد الحروف، فإن العدد الناتج نرى فيه جميع هذه الأرقام رؤية مباشرة، بينما إذا جمعنا هذه الأرقام اختلف ولم نعد نميِّز بينها.
كما أن صفّ الأرقام (لكل رقم منزلة ومرتبة) يؤدي إلى أعداد ضخمة جداً، وهذا يزيد من تعقيد المعجزة الرقمية. إن هذه الطريقة في صف الأرقام لم تكن موجودة على زمن الرسول الكريم ، وهذا يعني أن التفسير الوحيد لوجود نظام كهذا في القرآن أنه كتاب الله ورسالته إلى البشر جميعاً.
إن سورة الفاتحة هي مفتاح الإعجاز في كتاب الله وهي السورة الوحيدة التي سمَّاها الله تعالى برقم! فالسبع تعني الرقم سبعة، والمثاني تعني المضاعفات أو التثنية وفي هذا إشارة لعمليات رياضية. وبما أن الفاتحة هي أم الكتاب فإن الأنظمة الرقمية في سورة الفاتحة موجودة في القرآن كله ولا يقتصر وجودها على هذه السورة، والله تعالى أعلم.