الأسباب الرئيسية للأزمة المالية العالمية
في الواقع يمكن الاشارة إلى ان أزمة النظام المالى العالمي يمكن ان تعزى إلى جملة الاسباب التالية:
أولا: تحول الأموال إلى الأسواق المالية العالمية ؟
نظرا للطفرة المالية الموجودة ونتيجة استغلال النظام الرأسمالي للمستهلك وتوفر فائض نقدي في البنوك والمؤسسات الملية وشركات التأمين. والحرية المطلقة لتلك الشركات في الاستثمار بأتت هذه الشركات تبحث عن وسائل وطرق لتنمية هذه الأموال عن طريق الأسواق المالية العالمية من خلال المتاجرة في السندات والخيارات والمستقبليات والتي يعتمد الجزء الاكبر منها على نظام الشراء بالهامش الذي يسمح للمستثمر بالمتاجرة بأضعاف رأس ماله الحقيقي (قد تصل إلى مئة ضعف). وهي مبنية على نظام سعر الفائدة والعلاقة غير المتكافئة بين الاطراف مما دفع العديد إلى السعي وراء الأرباح الخيالية والوهمية وحيث أن ليس هناك ضمانات لهذه الأسواق ولا حماية من قبل الحكومات، فكانت النتيجة الحتمية إلى حجم الخسائر الضخم .
ثانيا: فخ شركات الائتمان المصرفي العقاري
نتيجة لتخفيض سعر الفائدة الامريكي تشجعت العديد من البنوك على منح قروض لشراء المساكن بفائدة متدنية وصلت إلى 5%. فانكب المستهلكين على شراء البيوت في مختلف أنحاء أمريكيا، إلا أن هذه القروض كانت بشروط منها:
1- الفائدة متغيرة ومبنية على سعر الفائدة في البنك المركزي (X+LIBOR) حيث X هو سعر الفائدة المعروض والمعلن عنه بين البائع والمشتري.
2- إذا تأخر المدين عن السداد تضاعفت عليه أسعار الفائدة، ونظرا لطيلة فترة السداد ومجموع الفائدة المركبة فإن المبلغ مع مجموع الفوائد قد يكون عاليا جدا. لا تمكن المدين من سداده .
3- أن المدفوعات الشهرية للثلاث سنوات الأولى تذهب لسداد الفوائد وبعد ذلك يخصم جزء من المبلغ لسداد الفوائد والجزء الأقل يذهب لسداد المبلغ الأصلي.
4- نتيجة توفر السيولة لدى البنوك والفائض النقدي بسبب السياسة التوسعية والقدرة على خلق النقود . تشجعت البنوك على إعطاء المزيد من القروض العقارية. مما أدى إلى زيادة غير مسبوقة في أسعار العقارات فاقت المعقول فاصبح المنزل الذي كان سعره 150 ألف دولار مثلا يساوي 300 ألف دولار.
ومن جانب أخر قامت المؤسسات المالية التي أخذت هذه العقود الائتمانية بطرح هذه القروض كسندات استثمارية مما أدى إلى وجود أسواق ثانوية مهمتها التجارة في هذه القروض وبيعها لعدة مرات والنتيجة أن الفجوة بين الأسعار الحقيقية والأسعار السوقية قد تفاقمت بسبب هذه المضاربات. وغاية البنك من بيع هذه القروض هي مضاعفة إيراداته، حيث يستفيد من فوائد القروض التي يسددها المقترض ويستفيد أيضا من بيع السندات ليحقق دخلا إضافيا من العمولات والرسوم. ثم يقوم مالك السندات الثاني ببيعها أو برهنها وأخذ قروض عليها ليضارب في الأسواق المالية بما يسمى التمويل بالهامش والمشتقات وغيرها. وحتى يطمأن المستثمر قامت هذه الشركات بالتأمين على هذه القروض والسندات في حالة التعثر وعدم السداد. ويتكرر السيناريو والنتيجة المتوقعة والمحتملة أن المدين الأول قد يعجز عن السداد فيضطر إلى الإفلاس وبيع العقار. ونتيجة تخلف العديد عن السداد لذلك أصيب العديد من المؤسسات المالية بالعسر المالي الحقيقي وهذا أدى إلى تدهور أسواق السندات العقارية وأصبحت تفقد قيمتها السوقية.
5- قيام العديد من مؤسسات القروض المالية بإعطاء قرض ثانوي على نفس البيت، وأصبح البيت إما مرهون لأكثر من جهة، أو علية أكثر من رهن. هذا بالطبع زاد من قيمة الأقساط المستحقة على هذا العقار.
ثالثا:الأسباب الاقتصادية وراء هذه الأزمة ؟
نتيجة نقص السيولة بالمصارف وانخفاض قيمة العقارات بالولايات المتحدة, ناهيك عن بيع العديد من المنازل بالمزاد العلني بسبب إخفاق المالكين عن تسديد القروض. ازدادت المشكلة حدة وأدى ذلك إلى انخفاض الناتج المحلي بنسبـة 1.8% أو ما يمثل 166 مليار دولار بسبب الأزمة العقارية، وفي خطوة من البنوك لتعزيز مركز السندات العقارية تم التامين عليها من قبل شركات التامين المشهورة على أن يقوم حامل السند بدفع رسوم التامين عليها للحماية من إفلاس البنك أو صاحب البيت مما شجع على اقتناء المزيد من تلك السندات . ومن ناحية اخرى لم يعد في مقدور الأفراد سداد ديونهم حتى بعد بيع عقاراتهم المرهونة فأصبحوا مكبلين بالالتزامات المالية. مما ادى إلى تضرر المصارف الدائنة من عدم السداد فهبطت قيمة أسهمها في البورصة وأعلنت عدة شركات عقارية وشركات تامين إفلاسها. مما سيطر على أذهان المستثمرين حالة من عدم الثقة فقام العديد بسحب ودائعهم مما أنعكس سلباً على سيولة البنوك على الرغم من تدخلات البنوك المركزية، وانعكس ذلك في توالي الخسائر الاقتصادية الناتجة عن العجوزات وأصبح العامل النفسي مرتبط بالثقة في القطاع المالي برمته .
المرجع:
مؤتمر تداعيات الأزمة المالية وأثرها على اقتصاديات الدول العربية
وذلك خلال الفترة 4-5 أبريل 2009 في شرم الشيخ
جمهورية مصر العربية
ورقة بعنوان/ الأزمة المالية العالمية ومعالجتها من منظور إسلامي / إعداد
الأستاذ الدكتور سعيد الحلاق
في الواقع يمكن الاشارة إلى ان أزمة النظام المالى العالمي يمكن ان تعزى إلى جملة الاسباب التالية:
أولا: تحول الأموال إلى الأسواق المالية العالمية ؟
نظرا للطفرة المالية الموجودة ونتيجة استغلال النظام الرأسمالي للمستهلك وتوفر فائض نقدي في البنوك والمؤسسات الملية وشركات التأمين. والحرية المطلقة لتلك الشركات في الاستثمار بأتت هذه الشركات تبحث عن وسائل وطرق لتنمية هذه الأموال عن طريق الأسواق المالية العالمية من خلال المتاجرة في السندات والخيارات والمستقبليات والتي يعتمد الجزء الاكبر منها على نظام الشراء بالهامش الذي يسمح للمستثمر بالمتاجرة بأضعاف رأس ماله الحقيقي (قد تصل إلى مئة ضعف). وهي مبنية على نظام سعر الفائدة والعلاقة غير المتكافئة بين الاطراف مما دفع العديد إلى السعي وراء الأرباح الخيالية والوهمية وحيث أن ليس هناك ضمانات لهذه الأسواق ولا حماية من قبل الحكومات، فكانت النتيجة الحتمية إلى حجم الخسائر الضخم .
ثانيا: فخ شركات الائتمان المصرفي العقاري
نتيجة لتخفيض سعر الفائدة الامريكي تشجعت العديد من البنوك على منح قروض لشراء المساكن بفائدة متدنية وصلت إلى 5%. فانكب المستهلكين على شراء البيوت في مختلف أنحاء أمريكيا، إلا أن هذه القروض كانت بشروط منها:
1- الفائدة متغيرة ومبنية على سعر الفائدة في البنك المركزي (X+LIBOR) حيث X هو سعر الفائدة المعروض والمعلن عنه بين البائع والمشتري.
2- إذا تأخر المدين عن السداد تضاعفت عليه أسعار الفائدة، ونظرا لطيلة فترة السداد ومجموع الفائدة المركبة فإن المبلغ مع مجموع الفوائد قد يكون عاليا جدا. لا تمكن المدين من سداده .
3- أن المدفوعات الشهرية للثلاث سنوات الأولى تذهب لسداد الفوائد وبعد ذلك يخصم جزء من المبلغ لسداد الفوائد والجزء الأقل يذهب لسداد المبلغ الأصلي.
4- نتيجة توفر السيولة لدى البنوك والفائض النقدي بسبب السياسة التوسعية والقدرة على خلق النقود . تشجعت البنوك على إعطاء المزيد من القروض العقارية. مما أدى إلى زيادة غير مسبوقة في أسعار العقارات فاقت المعقول فاصبح المنزل الذي كان سعره 150 ألف دولار مثلا يساوي 300 ألف دولار.
ومن جانب أخر قامت المؤسسات المالية التي أخذت هذه العقود الائتمانية بطرح هذه القروض كسندات استثمارية مما أدى إلى وجود أسواق ثانوية مهمتها التجارة في هذه القروض وبيعها لعدة مرات والنتيجة أن الفجوة بين الأسعار الحقيقية والأسعار السوقية قد تفاقمت بسبب هذه المضاربات. وغاية البنك من بيع هذه القروض هي مضاعفة إيراداته، حيث يستفيد من فوائد القروض التي يسددها المقترض ويستفيد أيضا من بيع السندات ليحقق دخلا إضافيا من العمولات والرسوم. ثم يقوم مالك السندات الثاني ببيعها أو برهنها وأخذ قروض عليها ليضارب في الأسواق المالية بما يسمى التمويل بالهامش والمشتقات وغيرها. وحتى يطمأن المستثمر قامت هذه الشركات بالتأمين على هذه القروض والسندات في حالة التعثر وعدم السداد. ويتكرر السيناريو والنتيجة المتوقعة والمحتملة أن المدين الأول قد يعجز عن السداد فيضطر إلى الإفلاس وبيع العقار. ونتيجة تخلف العديد عن السداد لذلك أصيب العديد من المؤسسات المالية بالعسر المالي الحقيقي وهذا أدى إلى تدهور أسواق السندات العقارية وأصبحت تفقد قيمتها السوقية.
5- قيام العديد من مؤسسات القروض المالية بإعطاء قرض ثانوي على نفس البيت، وأصبح البيت إما مرهون لأكثر من جهة، أو علية أكثر من رهن. هذا بالطبع زاد من قيمة الأقساط المستحقة على هذا العقار.
ثالثا:الأسباب الاقتصادية وراء هذه الأزمة ؟
نتيجة نقص السيولة بالمصارف وانخفاض قيمة العقارات بالولايات المتحدة, ناهيك عن بيع العديد من المنازل بالمزاد العلني بسبب إخفاق المالكين عن تسديد القروض. ازدادت المشكلة حدة وأدى ذلك إلى انخفاض الناتج المحلي بنسبـة 1.8% أو ما يمثل 166 مليار دولار بسبب الأزمة العقارية، وفي خطوة من البنوك لتعزيز مركز السندات العقارية تم التامين عليها من قبل شركات التامين المشهورة على أن يقوم حامل السند بدفع رسوم التامين عليها للحماية من إفلاس البنك أو صاحب البيت مما شجع على اقتناء المزيد من تلك السندات . ومن ناحية اخرى لم يعد في مقدور الأفراد سداد ديونهم حتى بعد بيع عقاراتهم المرهونة فأصبحوا مكبلين بالالتزامات المالية. مما ادى إلى تضرر المصارف الدائنة من عدم السداد فهبطت قيمة أسهمها في البورصة وأعلنت عدة شركات عقارية وشركات تامين إفلاسها. مما سيطر على أذهان المستثمرين حالة من عدم الثقة فقام العديد بسحب ودائعهم مما أنعكس سلباً على سيولة البنوك على الرغم من تدخلات البنوك المركزية، وانعكس ذلك في توالي الخسائر الاقتصادية الناتجة عن العجوزات وأصبح العامل النفسي مرتبط بالثقة في القطاع المالي برمته .
المرجع:
مؤتمر تداعيات الأزمة المالية وأثرها على اقتصاديات الدول العربية
وذلك خلال الفترة 4-5 أبريل 2009 في شرم الشيخ
جمهورية مصر العربية
ورقة بعنوان/ الأزمة المالية العالمية ومعالجتها من منظور إسلامي / إعداد
الأستاذ الدكتور سعيد الحلاق