الذى هو أدنى
fakhry suleiman- عضو نشط
- عدد المساهمات : 16
تاريخ التسجيل : 17/07/2011
]التَّديُّنُ فِطرةٌ فطر الله الناس عليها، ولذا تجد فيهم وعلى اختلاف مشاربهم، وتباعد أزمنتهم وأمكنتهم قدراً من هذا التدين قَلَّ أو كثُر؛ ذلك لأن عالم الذَّر قد شهد مِنَّا جميعاً موقفاً اكتسى بميثاقٍ غليظ (وإذ أخذ ربُّك من بني آدم من ظُهُورهم ذريَّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربِّكم قالوا بلى شهدنا..) »٢٧١« الأعراف. لقد ظلت هذه الذرات في نموٍ وضمور، وفي علوٍ وانخفاض عبر رحلة الحياة الدنيا، والغَرور بفتح الغين المعجمة وهو الشيطان (.. ولا يغرنَّكم بالله الغَرور) »٥« فاطر ظلَّ يحتنك ذرية آدم ويقعد لهم السراط المستقيم في محاور كثيرة، أهمها تلك التي تلاصق الهوى وتقطن من الأنفس أعلى الغرفات، وهي مواقع الأماني بطول البقاء في الحياة الدنيا مع سلطانٍ وقوة نفاذ تُفضي إلى الحلم بتحقيق تلك الأماني والأحلام المنداحة حولها على أجنحة الخيال المرتادة لآفاق كلما دنا منها هدف تبدَّى من خلفه آخر؛ ولعلنا هنا نذكر مطالع عبارات إبليس لأبِ البشر والتي كانت موطن ميلاد الخيال (... قال يا آدم هل أدُلُّكَ على شجرةِ الخلدِ وملكٍ لا يَبلَى) »٠٢١« طه.
اشتعلت الدنيا صراعاً ظل ينتظم الأمم بأنماط شتى وهي في خضم اعتوارها لكوكب الأرض المعمور بالخير والشر، والمغمور بالآمال والآلام، وقد تخلل هذه المعارك فيض من السماء يصدع بإشارات الهُدى على ألْسنة أصحاب الرسالات المزدانة نصائحهم بأجمل الشرائع وأنقى المناهج (... لكلٍّ جعلنا منكم شِرعةً ومنهاجاً...) »٨٤« المائدة، والشِرعة في اللغة تعني الطريق إلى الماء والمنهاج يعني الطريق على الأرض اليابسة، فانظر أخي القارئ إلى هذا التعبير الإلهيِّ توجيهاً والربانيِّ رعاية، فقد زاوج هذا الكلم الجامع المانع وهو الذي قلَّ ودل بين أهم مصادر حياة الإنسان وهي اليابسة موضع النبت، والماء واهب الحياة بإذن ربه.
يظل بريق نعيم الدنيا يسترعي الأبصار ويسْتَرِقُها خِلسةً ويَسْتَرِقُّها عبودية فينسى الإنسان حقيقة الفناء والزوال، فالنعيم في الدنيا يفارقك أيها الإنسان أو تفارقه، وذلك على نقيض نعيم الآخرة الذي يلازمك في خلود أبدي وهو النعيم المقيم؛ فلا يشغلك ما هو زائل عن ما هو دائم مقيم. لقد رُوي عن أبي أمامه الباهلي أن ثعلبة بن حاطب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء بكثرة المال فدعا له واتخذ غنماً نما عددها كما ينمو الدود، وضاقت عليه المدينة ونزل وادياً من أوديتها. لقد شغله المال فبدأ يجمع الصلوات ويتأخر عن الجماعة حتى ترك الجمعة. أنزل الله سبحانه وتعالى قوله (خُذْ من أموالهم صدقةً تُطهرهم وتُزكيهم بها وصلِّ عليهم إنَّ صلاتَك سكنٌ لهم...) »٣٠١« التوبة، وبهذا أراد صلى الله عليه وسلم إزالة ما ران على قلب ثعلبة من غفلة، فأرسل إليه يطلب الصدقة فرفض وسمَّاها جزيةً، وهذا سبب نزول الآيات (ومنهم من عاهد اللهَ لئن آتانا من فضله لنصدقنَّ ولنكوننَّ من الصالحين »٥٧« فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولَّوا وهم معرضون) »٦٧« التوبة. لقد استبدل ثعلبة الذي هو أدنى بالذي هو خير وهو نعيم الآخرة وداوم عطائها.
ومن خداع الدنيا رُوي عن جرير عن ليث قصة ذلك الرجل الذي صحب عيسى عليه السلام، وكان معهما ثلاثة أرغفة فأكلا رغيفين وبقي الثالث. ذهب عليه السلام لأخذ شربة من النهر وعندما عاد لم يجد الرغيف الثالث فسأل صاحبه فأنكر علمه به..أجرى عيسى عليه السلام عدداًمن المعجزات أمام الرجل وهو يسأله عن الرغيف والرجل ينكر. انتهيا إلى مفازةٍ فأخذ عليه السلام يجمع تراباً ثم قال: كن ذهباً بإذن الله فصار ذهباً وقسَّمهُ ثلاثة أثلاث، وقال: ثلث لي وثلث لك وثلث لمن أخذ الرغيف، فقال: أنا الذي أخذت الرغيف؛ قال له عليه السلام: كُلُّهُ لك وفارقه راغباً عن صحبته. جلس الرجل فرِحاً بالذي هو أدنى، فمرَّ عليه رجلان أرادا قتله وأخذ الذهب، فعرض عليهما تقسيمه إلى ثلاثة أقسام لكل واحد منهم الثلث واتفقوا على إرسال أحدهم إلى المدينة لإحضار طعام. اتفق صاحب الذهب مع من بقي معه على قتل الرجل العائد بالطعام وتقسيم الذهب بينهما نصفين، ووضع صاحب الطعام العائد سُمَّاً في الأكل لقتل صاحبيه والفوز بالذهب. قاما بقتل صاحبهما ثم أكلا الطعام فماتا وبقي الذهب وحوله ثلاثة قتلى. مرَّ عيسى عليه السلام على ذلك الموقع في صحبة نفر من الحواريين وقال لهم: هذه الدنيا فاحذروها.
[/size] :shock: :shoc[/color][/font]k:
الذى هو ادنى
الطمع والجشع يتواجدان حيث يتواجد الانسان.والنفس البشريه اماره بالسوء وما تناولته اخى فخرى يستعرض حب الذات والانـــا عند الكثير من البشر-ويجب علينا ان نحب الخير لاخواننا ولانفسنا سواء.